كتب جوزيف قطار في موقع JNews Lebanon

فُتِح بابُ تسجيل غير المقيمين في ٢ تشرين الأوّل ٢٠٢٥، فيما يبقى سؤالٌ واحد معلّقًا: هل سيصوّت المنتشرون في دوائر قيدهم لانتخاب الـ١٢٨ نائبًا كما حصل في عامَي ٢٠١٨ و٢٠٢٢، أم ستُعاد صيغةُ المقاعد الستّة المنصوص عليها في المادة ١١٢؟ وأين هي الآلية التي تجعل من هذا النصّ واقعًا قابلاً للتطبيق؟

بند خارج الزمن السياسي والاجتماعي

في الواقع، بات بند تخصيص ستّة مقاعد للاغتراب، كما أظهرت التجربتان الانتخابيتان في ٢٠١٨ و٢٠٢٢ على الأقلّ، خارج الزمنين السياسي والاجتماعي، ولا يعبّر عن اتّساع الجغرافيا اللبنانية خارج الحدود ولا عن عدالة التمثيل. فالمادة نفسها تقترح تمثيلًا «عالميّ النطاق» بستّ دوائر موزّعة على القارّات الستّ.
نظريًا تبدو الفكرة أنيقة، لكن عمليًا هي هندسة تمثيليّة تُقلِّص مئات الآلاف من اللبنانيين إلى ستّة مقاعد رمزيّة.

العدالة التمثيلية في مهبّ التقييد

حين يقترع المغتربون لانتخاب الـ١٢٨ نائبًا في دوائر قيدهم، تعود العدالة التمثيلية إلى مجراها، ويستعيد الصوت سياقه المحلّي. أمّا حين يُحصرون بستّة مقاعد «اغترابية»، يُنتزع الصوت ويُسلبون أمل إحداث تغيير في وطنهم الذي اضطروا إلى مغادرته — لبنانهم الذي لم يبخلوا يومًا بدعمه ماديًا لعائلاتهم، أو بمتابعة الشأن العام، أو بإنجازاتهم التي ترفع اسم لبنان في جميع أنحاء العالم.

مفارقة السلطة: من الهجرة إلى الحرمان من الصوت

والأشدّ قسوةً أنّ القوى التي دفعت آلاف الشابات والشبّان إلى الهجرة هي نفسها التي تماطل اليوم في إقرار حقّهم بالاقتراع الكامل، عبر منع إدراج هذا الاستحقاق على جدول الأعمال التشريعي.
وهذه مفارقة لا تُبرَّر: من دفع الأجيال إلى المطارات لا يملك شرعية تقليص أصواتهم إلى ستّة مقاعد، ولا حقّ تحويلهم إلى «جالية» منفصلة عن وطنها، ولا حقّ زرع الشكّ لخفض الهمّة ودفعهم إلى العزوف عن التسجيل.

التسجيل استفتاء على الحقّ

الجواب أبسط من كل المناورات: التسجيل، ثمّ التسجيل. لنجعل القيد الاغترابي استفتاءً على حقّنا لا على قيدهم. صوتنا ليس مُلحَقًا ولن يُختصر بستّة مقاعد تجميليّة.
نريد الاقتراع في دوائر قيدنا وانتخاب الـ١٢٨ نائبًا. هذا ليس ترفًا ولا شعارًا؛ هذا معيار المواطنة.
ومَن يظنّ أنّ «تقنين» صوت الانتشار سيُقلِّص أثره، سيكتشف يوم الاقتراع أنّ أفضل طريقة لإبطال المخطّط هي الحضور الكثيف إلى الصندوق.

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version