كتب نادر الحجاز في موقع ال mtv:
الذهب “طاير”، مسجّلاً أعلى مستوى قياسي عند 3578.50 دولارا للأونصة، بارتفاع حوالى المئة دولار خلال أيام فقط.
تستمرّ حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي على وقع جنون سعر الذهب، الذي يحمل تاريخياً مؤشرات بالغة الأهمية، ليس في الاقتصاد فقط، إنما يتعدّاها إلى السياسة والأمن العالمي.
في هذا السياق، يوضح الخبير الاقتصادي والنقدي راجح ملاعب، عبر موقع mtv، أن “هذا الصعود لم يحصل منذ 7 أكتوبر على أثر عملية “طوفان الأقصى”، ما يؤشر الى سيناريوهات مستقبلية من الصعب التنبؤ بها”، مستطرداً “أستبعد حصول ضربات عسكرية ولكن طبعاً ستكون هناك ضربات اقتصادية موجعة”.
ويشير ملاعب إلى تزايد الرهانات على خفض الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي الأميركي) لأسعار الفائدة التراكمية، والمرشّح تخفيضها بين الربع والنصف في المئة، الأمر الذي يشجع الإقتصاد كما يدفع الشركات الكبرى للاقتراض أكثر، وبالتالي الاستثمار بشكل أكبر.
ولفهم ما يحصل بشكل أوضح، يلفت ملاعب إلى أن الانظار تتجه إلى آسيا الشرقية، فالصين رفعت نسبة استيراد الفضة الى 70 في المئة منذ العام للماضي، نتيجة الاتجاه الكبير نحو صناعة ألواح الطاقة الشمسية ومستلزمات لقطاع الكهرباء والطاقة. في حين أن ارتفاع سعر الذهب يعني انخفاض القيمة الشرائية للعملات لا سيما الدولار، الذي يتلقّى ضربات موجعة من الحلف الاقتصادي القائم بين الهند والصين وروسيا، حيث تقوم هذه الدول بعلاقات تجارية واقتصادية بين بعضها من دون استخدام الدولار كاحتياطي عالمي للاستيراد والتصدير.
فكيف بإمكان الولايات المتحدة الحفاظ على صمود الدولار؟
يجيب ملاعب: “عليها الاستحصال مجدداً على الاتفاق النفطي مع “أوبك” لربط الأسواق بالدولار، الذي خسره جو بايدن عام 2022، ما قد يؤدي مجدداً الى انخفاض سعر الذهب”.
وعليه، يكشف أن “الضغط على العملات العالمية سيكون قويا جداً، ومن غير المستغرب أن يمرّ العالم خلال العامين المقبلين بأزمة شبيهة بتلك التي حصلت عام 2008 أو 1929. ولهذا القلق أسباب عدة، منها تزايد طباعة العملات الورقية، وتراجع القيمة الشرائية، وعدم الإقبال على السندات ما سيؤثر على القطاع المصرفي الذي يستثمر أمواله بنسبة 50 في المئة بالسندات”، متوقّفاً عند ما تشهده الولايات المتحدة من ارتفاع لأعداد المتقاعدين (gen x)، في مقابل تراجع عدد الذين يدخلون الى الوظيفة ويدفعون ضريبة التقاعد، ما يخلق عبئاً كبيراً على السندات وضمان الشيخوخة، ليزيد تراجع الولادات وأعداد الذين يدخلون الى الوظيفة ويدفعون عادة هذه الضريبة الأمر تفاقماً”.
وأمام هذا المشهد الاقتصادي الجيوسياسي، ماذا ينتظر العالم؟
يجيب: “يبدو أن هناك طبخة اقتصادية سياسية تتحضر، وصعود الذهب أكبر دليل. وشهر أيلول سيكون حاسماً اقتصادياً وعسكرياً”.
وفي ظلّ هذه التحوّلات في الأسواق ومراكز القرار، كيف يتأثر لبنان؟
يقول ملاعب: “أول البلدان التي تتأثر هي الشبيهة بلبنان، التي تملك عملتها الوطنية لكنها لا تستخدم الا الدولار. وبالتالي إذا تراجعت القيمة الشرائية للدولار ستكون النتيجة التضخم المالي والتقلّص للقيمة الشرائية، ما سيؤذي اللبنانيين بشكل كبير. أما الفائدة الوحيدة فهي تراجع قيمة ديونه، كما تتراجع الفوائد، ما يحدّ من تصاعد الدين على لبنان”.
“لكن نظامنا الاقتصادي فريد وعجيب”، يختم ملاعب، “فبلد كلبنان ديونه بمليارات الدولارات ومدخوله لا يتعدّى الـ17 مليار دولار، ولم يعلن إفلاسه بعد. أمر غريب فعلاً”.