في تطور قضائي ودبلوماسي لافت، رفع رجل أعمال أميركي من أصل لبناني دعوى أمام محكمة في ولاية ميشيغن ضد الموفد الأميركي إلى لبنان توماس باراك، على خلفية تصريحات مثيرة للجدل أطلقها خلال مؤتمر صحافي في بيروت وصف فيها الصحافيين بأنهم “يتصرّفون كحيوانات”. الدعوى تتّهم باراك باستخدام “خطاب استعلائي واستعماري” يمس بكرامة اللبنانيين ويضعف صورة الولايات المتحدة كوسيط في ملف حزب الله.

القضية اندلعت بعد المؤتمر الصحافي الذي عقده باراك الأسبوع الماضي في العاصمة اللبنانية للترويج لمسعى أميركي لنزع سلاح حزب الله. وخلاله، بدا باراك منزعجًا من ضجيج القاعة، فخاطب الصحافيين بحدة قائلاً: “كونوا هادئين… عندما يتحوّل الأمر إلى فوضوي، حيواني، سأغادر”. وأضاف: “هذه هي المشكلة في المنطقة: انعدام الصبر والسلوك غير المتحضّر”. هذه التصريحات أشعلت موجة غضب واسعة؛ إذ أعرب رئيس الجمهورية عن “أسفه”، فيما هدّد اتحاد الصحافيين بمقاطعة باراك، بينما استثمرت وسائل الإعلام المقرّبة من حزب الله الحادثة لتصويره كـ”ديبلوماسي أميركي متعجرف”، ناشرة صورته تحت عنوان “اليانكي الوقح”.

المدّعي، د. بنجامين بلوط، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركة “Diplomatic Trade”، أكد في نص الدعوى أنّ تصريحات باراك “منحت حزب الله ذخيرة إضافية لتصوير الولايات المتحدة كأداة بيد إسرائيل”. وأضاف أنّ “كرامة لبنان وشعبه ليست موضع مساومة”، معتبراً أنّ ما جرى يشكّل “إساءة خطيرة لحرية الصحافة والكرامة الوطنية”. وفي منشور له عقب تقديم الدعوى، كتب بالوت: “حين يصف مبعوث أميركي الصحافيين اللبنانيين بالحيوانات ويطلب منهم الصمت، فهو لا يهين أفرادًا بل يهين أمة كاملة”. واعتبر أنّ “مهمة الدبلوماسيين هي بناء جسور لا إحراقها”، مضيفًا أنّ مثل هذا الخطاب “يذكّر بإرث الاستعلاء الاستعماري”.

الدعوى المقدمة في الولايات المتحدة استندت إلى اتفاقية فيينا التي تلزم الدبلوماسيين باحترام الدولة المضيفة، وإلى قانون السلك الدبلوماسي الأميركي الذي يفرض “معايير عالية من النزاهة والسلوك”، فضلاً عن المبادئ الدستورية المتعلقة بحرية الصحافة والمساواة. وإلى جانب الدعوى الفيدرالية، تقدّم بالوت بشكاوى إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف، وإلى مكتب المفتش العام في وزارة الخارجية الأميركية، فضلًا عن لجان رقابية في الكونغرس.

وفي ختام بيانه، شدّد بالوت على أنّ الدعوى “ليست للمطالبة بتعويض مالي بل للمطالبة باعتذار علني، والاعتراف بأهمية صوت الشعب اللبناني، والتأكيد أنّه لا مكان لخطاب كولونيالي في القرن الحادي والعشرين”. وأضاف: “السلام الحقيقي لا يُبنى بين السياسيين فقط، بل يبدأ من احترام الناس وكرامتهم”.

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version