في زمن أصبحت فيه الصورة والمظهر الخارجي جزءًا أساسيًا من لغة التواصل اليومية، يطلّ على المستمعين برنامج إذاعي جديد يجرؤ على الذهاب أبعد من السطح، ليغوص في أعماق المعنى الحقيقي للجمال.

“Behind the Mirror” هو مساحة صوتية فريدة، تقودها الإعلامية رانيا زيادة أشقر، التي تمتلك صوتًا صحافيًا متمرّسًا وحضورًا إنسانيًا خاصًا يجعلها أكثر من مجرد مذيعة، بل رفيقة رحلة وبوصلة فكرية وروحية.

منذ اللحظة الأولى، يضع البرنامج المستمع في قلب رحلة فكرية وجمالية لا تكتفي بمناقشة ما يراه الناس في المرآة، بل تبحث في الأبعاد النفسية، العاطفية، الروحية والاجتماعية التي تقف خلف هذا الانعكاس. ما الذي يجعلنا نلهث وراء صورة مثالية قد لا تكون موجودة أصلًا؟ ما الحدود الفاصلة بين التجميل كخيار شخصي وبين الخضوع لمعايير مجتمعية ضاغطة؟ وكيف يمكن للفرد أن يحافظ على هويته وسط عالم لا يتوقف عن الحكم على المظهر؟

لا يقتصر البرنامج على الحوار مع ضيف واحد؛ بل يدمج بين شهادات وتجارب حقيقية لأشخاص مرّوا بتجارب مؤثرة، ورؤى من خبراء في مجالات علم النفس، التجميل، الفن، والإعلام. هذه الحوارات لا تكتفي بنقل المعلومة، بل تفتح نافذة صادقة على دوافع الأفراد، ما يعيشونه من ضغوط، وكيف يمكن أن تكون رحلة البحث عن الجمال أحيانًا رحلة بحث عن الذات.

واحدة من نقاط قوة “خلف المرآة” هي أسلوب رانيا زيادة أشقر في قيادة النقاش. فهي لا تفرض أجوبة جاهزة، بل تخلق مساحة للتفكير وإعادة النظر في المسلّمات، بأسلوب يوازن بين السرد التحليلي واللمسة الإنسانية. ومع كل حلقة، يجد المستمع نفسه أمام فرصة للتأمل في العلاقة مع الذات، وفهم أعمق لكيفية التعايش مع المظهر والجوهر دون أن يطغى أحدهما على الآخر.

إن “خلف المرآة” ليس مجرد برنامج عن الجمال، بل هو منبر للتأمل، ودعوة لإعادة اكتشاف الذات، ورسالة لتشجيع المستمعين على التحرر من الصور النمطية التي يفرضها المجتمع. إنه مساحة آمنة لسماع قصص حقيقية، وفهم أبعاد لم نكن نراها ونحن ننظر إلى انعكاسنا في المرآة.

ومع كل حلقة، يثبت البرنامج أنه قادر على الجمع بين عمق المضمون وجاذبية الطرح، ليقدّم للمستمعين تجربة صوتية متكاملة، تترك في الذاكرة أثرًا وفي القلب سؤالًا: ماذا نرى حقًا عندما ننظر “خلف المرآة”؟

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version