كتب يوسف فارس في المركزية:
يلتقي المتابعون على ان الزيارة الأخيرة للوفد الأميركي الفضفاض الذي جمع الموفدين توم براك ومورغان اورتاغوس وأعضاء في الكونغرس الى لبنان حملت الكثير من الرسائل والمؤشرات الاستراتيجية لمن يعنيهم الامر من رسميين وقيادات، وان واشنطن ارادت من خلال ذلك تثبيت رؤيتها الجديدة للبنان وعدم الاكتفاء بدور الراعي والمساعد بل باتت تدفع نحو صياغة معادلة سياسية – امنية جديدة في لبنان تنطلق من حصر السلاح تدريجيا واقامة ترتيبات امنية جنوبية بضمانات أحادية منها وهو ما حاولت ان تخفيه خلف محاولتيها الأولى بانهاء مهمة اليونيفيل لتحل مكانها قوات متعددة الجنسية او أميركية صرف ، والثانية بإقامة منطقة اقتصادية – صناعية يراد منها خلق منطقة عازلة وعدم إعادة السكان الى قراهم ومنازلهم .
اللافت ان زيارة برّاك واورتاغوس جسدت تصعيدا ناعما عبرت عنه التصاريح التي سبقت واعقبت اللقاءات في المقرات الرئاسية وأكدت ان لا مساعدات من دون تغييرات سياسية عميقة . بالتالي فان المرحلة المقبلة ستشهد ضغوطا كبيرة على مكونات السلطة اللبنانية في مواجهة مباشرة ، خصوصا بعد النجاح في فصل المسار اللبناني عن النزاع الإقليمي عبر خلق مساحة تسوية خاصة بلبنان بالتقاطع مع الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية لتحقيق ذلك.
خلاصته ان الزيارة الموسعة هذه شكلت تحركا اميركيا مدروسا ضمن مرحلة انتقالية دقيقة يعيشها لبنان. فبين الدعم والتحذير تراوحت اللهجة والخطاب . الخيارات ضيقة، إما السير في تسوية أميركية مشروطة ومراقبة دوليا واما الانزلاق الى مزيد من الانهيار السياسي والأمني خصوصا وان التوازن القائم لم يعد قابلا للحياة .
النائب الياس جرادي لا يستبعد عبر “المركزية” استمرار الضغط الأميركي على لبنان إرضاء لاسرائيل وتحقيقا لمصالحها في لبنان والمنطقة . ويقول : اميركا وإسرائيل وجهان لعملة واحدة .صحيح ان موازين القوى قد لا تكون عسكريا متكافئة مع واشنطن وتل ابيب لكن من حيث الموقف والقرار السياسي والوطني يجب ان تكون كذلك . لبنان بفعل غياب قراره الوطني الموحد يفتقد القدرة على مواجهة الاملاءات السياسية الأميركية والضغوطات العسكرية الإسرائيلية . المطلوب ثبات في القرار والإرادة من قبل السلطة اللبنانية والقول اقله لا . العلاقات بين الدول لم تكن دائما سوية خصوصا بين المتجاورة منها الطامعة بارض وثروات الاخر كما حال اسرائيل . ما قاله براك للصحافيين من قصر بعبدا كان مهينا . لم نسمع أي انتفاضة او ردة فعل فورية سياسية او إعلامية . الانبطاح بات نهجا غالبا .الامور تستوجب انتفاضة وطنية لا العيش ذليلا مذلولا . لا بد من فجر جديد يحمل الحرية والكرامة للبنان واللبنانيين .