كتبت جويس الحويس في موقع JNews Lebanon

في ليلةٍ حملت من الدفء بقدر ما حملت من الشجن، عادت الفنانة اللبنانية كارول سماحة إلى جمهورها اللبناني عبر حفل ضخم أقيم في “Beirut Hall”، لتكتب فصلاً جديداً من مسيرتها، فصلاً عنوانه: “العودة من الألم إلى الضوء”.

الحفل لم يكن عادياً، لا في رمزيته ولا في مضمونه. فهو الأول لكارول في لبنان بعد وفاة زوجها المنتج المصري المعروف وليد مصطفى، ووالد ابنتها الوحيدة تالا، الذي شكّل رحيله المفاجئ محطة قاسية في حياتها الشخصية. إلا أن هذه المحنة، على ما يبدو، لم تُطفئ وهجها، بل زادتها بريقاً وعمقاً، وقد ظهر ذلك جلياً في تفاصيل السهرة.

“هذه الحفلة هي البداية”

بصوت مفعم بالمشاعر، خاطبت كارول جمهورها مع بداية الحفل، وقالت:
“أنا سعيدة جداً بلقائنا مجدداً هنا في هذا الحفل الجميل. بصراحة، هذه حفلتي الأولى بعد كل المحطات الصعبة التي مررت بها هذا العام. صحيح أنني قدمت عروضاً مسرحية موسيقية في الشهور السابقة، لكن لا أدري لماذا أشعر وكأن هذه الحفلة هي الرسمية، كأنها الحفلة الأولى فعلاً بعد كل ما عشته. فانتابتني رهبة اللحظة.”

كانت كلماتها أكثر من مجرد افتتاحية؛ كانت اعترافاً صريحاً بتقلبات المشاعر التي مرّت بها، وبأن الفن، كما الحب، يمكنه أن يرمم القلب المكسور، ولو ببطء.


 

“قوتي من ابنتي ومنكم”

في لحظة امتزج فيها الاعتراف بالشكر، أضافت كارول:
“الكثيرون سألوني من أين استمديت قوتي لأستطيع تخطي كل الظروف الصعبة وأكمل مشواري بشكل طبيعي. بصراحة، أنا استمديتها من ابنتي ومنكم.”
ثم تابعت بتأثر واضح: “أشكر كل من وقف إلى جانبي، كل من كتب كلمة جميلة، وكل من دعمني من نجوم وصحافة لبنانية ومصرية وعربية. هذا الدعم عنى لي الكثير، وكان مصدر طاقة دفعني للاستمرار.”

الملكة على المسرح… وجمهور يلامس قلبها

كارول، التي طالما عُرفت بأدائها المسرحي الساحر، بدت هذه الليلة أكثر حضوراً من أي وقت مضى. فقدّمت باقة من أجمل أغنياتها القديمة والجديدة، ما بين الطربي والدرامي والإيقاعي، وسط تفاعل جماهيري كبير.

من “سهرانين” إلى “خدني معك”، مروراً بـ”رجع قلبي”، و”انسى همومك”، وحتى آخر أعمالها العاطفية التي لامست أوجاعها الشخصية، بدت كارول وكأنها تُغنّي لنفسها كما لجمهورها.

في لفتة عفوية وحميمة، طلبت من الجمهور أن يقترب من المسرح، فبدأت بالتقاط صور سيلفي مع الحاضرين، وابتسامتها لا تُفارق وجهها.
لم تكن تلك الصور مجرد لحظات تذكارية، بل كانت تأكيداً على رابط إنساني عميق لا تهزّه المسافات ولا تغلبه الظروف بين الفنانة وجمهورها. مشهدٌ عكس دفئاً نادراً، وخلق لحظات مشتركة من الفرح الصادق والامتنان المتبادل.

حفل يحمل أكثر من معنى

ما جعل هذه الليلة فريدة ليس فقط عودتها إلى المسرح بعد الغياب، بل الشحنة العاطفية التي رافقت الحدث: فالفنانة التي تعيش الحداد، صعدت إلى المسرح لا لتخفي وجعها، بل لتواجهه بالفن، بالصوت، وبالحب الذي أحاطها من كل الجهات.

لم يكن الحفل ترفيهاً بقدر ما كان احتفاءً بالحياة رغم الفقد.
كارول لم تكن فقط “نجمة”، بل كانت امرأة اختارت أن تُكمل، أن تفرح ولو للحظات، أن تُشارك جمهورها إنسانيتها، فبدا كل من في القاعة كأنه جزء من قصتها، شهوداً على ولادة جديدة من رحم الألم.

العودة الأقوى من كل شيء

بهذه الحفلة، أثبتت كارول سماحة أنها ليست مجرد فنانة تؤدي أغنيات، بل سيدة مسرح حقيقية تُتقن فن الحضور والتأثير. استطاعت أن تحوّل محنتها إلى طاقة، وخسارتها إلى منصة جديدة للانطلاق.
هي التي غنّت للحب، غنّت للحياة رغم كل شيء… فاستحقت بجدارة أن يُطلق عليها: “ملكة المسرح”.

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version