ما نشهده في السويداء لا يُختصر بحراكٍ محلي أو مطالب معيشية، بل هو كاشف استراتيجي لانهيارين متوازيين، الأول هو انهيار السرديات الدولية حول “الضمانة الأميركية”، والثاني هو الإنهيار الفعلي لقيام الدولة.

إن الضمان الأميركي الذي طُرح على طاولة السياسة كغطاء للإستقرار، ظهر اليوم في مشهد هشّ وعاجز عن التأثير. ما يجري في سوريا، وتحديداً في السويداء، يناقض تماماً الخطاب الذي أعلنه الرئيس دونالد ترامب خلال لقائه الرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض، حين تحدث عن مرحلة جديدة من “التوازن الإقليمي” و”الإستقرار السوري”. أمّا الوقائع، فهي انفجار إجتماعي ومناطقي، وتفكّك في السلطة، وغياب لأي قدرة دولية على منع الإنزلاق.

لكن الأخطر من سقوط الخطاب الخارجي، هو سقوط الغطاء الداخلي، أي الدولة. فالتحولات التي نشهدها في السويداء، تُظهر بوضوح أن المجتمعات الطائفية لم تعد تنتظر “الدولة لتحميها”، بل بدأت تفكر في كيفية حماية نفسها بنفسها. وهذا التحوّل ليس تفصيلاً، بل إنذار وجودي يعكس إلى أي مدى تآكل مفهوم الدولة الوطنية، وتراجع حضورها أمام عودة الهويات العصبية والدفاعات الذاتية.

إن ما يحدث في سوريا لا يُفترض أن يمرّ على لبنان مرور الكرام، لأنه إذا سقطت الدولة هناك، فمن يمنع تساقطها هنا؟

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version