تشهد الساحة اللبنانية حراكًا سياسيًا حساسًا على خلفية ورقة أمريكية جديدة تُناقش بين بيروت وواشنطن، كشف رئيس الحكومة نواف سلام بعض تفاصيلها، فيما أبدى “حزب الله” رفضًا صريحًا لمضامينها، معتبرًا أنها تُمهّد لاتفاق جديد يهدد سلاح المقاومة.
وبحسب سلام، فإن هذه الورقة التي ينقلها المبعوث الأميركي إلى سوريا وسفير واشنطن في تركيا، توماس باراك، تُعدّ مجموعة أفكار تهدف إلى تنفيذ التفاهم الذي أُبرم في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بشأن وقف الأعمال العدائية، والذي كانت الحكومة السابقة قد وافقت عليه.
من المنتظر أن يزور باراك بيروت خلال الأسبوع الجاري لاستكمال المشاورات، حسب ما أعلنه سلام في مقابلة تلفزيونية محلية مساء الجمعة.
تلازم الانسحاب وبسط السيادة
وأوضح رئيس الوزراء أن الورقة تتبنى مبدأ “التلازم” بين انسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، بما في ذلك حصرية السلاح بيد القوى الأمنية الشرعية. ولفت إلى أن الوثيقة تتضمن “آلية واضحة للانسحاب الكامل”، مؤكدًا أن حكومته تُجري تعديلات وتفاوضًا لتحسين تلك الأفكار بما يخدم المصلحة الوطنية.
كما شدد سلام على أن إعلان وقف الأعمال العدائية السابق، الذي يُشكل الإطار المرجعي لهذه الورقة، نصّ على أن السلاح يجب أن يكون حكرًا على الدولة، مستشهدًا ببنود الإعلان التي قرأ بعضًا منها خلال المقابلة.
ملاحظات لبنانية ومداولات رئاسية
وأشار إلى أن الحكومة اللبنانية قدمت ملاحظاتها بشأن الورقة، وتلقّت ردودًا من الجانب الأميركي، كاشفًا عن مداولات جرت مع رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري حول النقاط الجوهرية، تمهيدًا لمناقشتها مع باراك خلال زيارته المقبلة.
وأكد سلام أن الهدف الأساسي هو حماية لبنان من الانزلاق نحو أي مغامرة عسكرية جديدة، مشيرًا إلى أن التفاوض لا يزال جاريًا، وأن أي صيغة نهائية ستُعرض لاحقًا على مجلس الوزراء.
حزب الله: “اتفاق جديد” هدفه نزع السلاح
في المقابل، اعتبر نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أن ما يجري الحديث عنه ليس أفكارًا تنفيذية، بل “اتفاق جديد” يسعى الأميركيون من خلاله إلى فرض شروط تُفضي إلى نزع سلاح الحزب مقابل انسحابات إسرائيلية “جزئية ومؤجلة”.
وقال قاسم في خطاب مساء الجمعة: “الهدف واضح، وهو نزع سلاح حزب الله تحت ستار تفاهم جديد، وهذا مطلب إسرائيلي لن نقبل به”. وتابع: “إسرائيل لن تستلم سلاح المقاومة يومًا”.
رد الحكومة: لا أحد طلب تسليم السلاح
وردًا على هذه التصريحات، نفى نواف سلام وجود أي طلب بتسليم سلاح حزب الله إلى إسرائيل، موضحًا أن “المطلوب عكس ذلك تمامًا”، وهو تسليم السلاح للدولة اللبنانية لا لجهة أجنبية، ووقف التدمير الإسرائيلي للبنى الدفاعية اللبنانية.
وختم سلام بالتأكيد أن الورقة الأميركية تُعد امتدادًا لتنفيذ اتفاقات سابقة وليست تسوية جديدة، وأن لبنان يتعامل معها من منطلق الحفاظ على السيادة والتوازن الداخلي.