كان لصدور التعميم 169 أمس وقع كبير على المودعين في لبنان، لا سيما أنه كرس حجز أموالهم بطريقة غير قانونية، وأتى لينسف الحق الذي كفله القانون لهؤلاء، ولم يفلح في تجميل صورة “العدالة” التي ادعاها في محاولة تمريره للتعميم الذي فاحت منه رائحة المصارف والحفاظ على مصالحها مقابل مصالح المودعين.
ينبّه في هذا الإطار المحامي وديع عقل إلى خطورة هذا التعميم، ويؤكد في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، أنه “مخالف لقانون النقد والتسليف، لأن القانون اللبناني هو من يحكم العلاقة بين المصرف وبين المودع الذي لديه كامل الحق القانوني بطلب استرداد أمواله نقداً أو تحويلها إلى الخارج أو إلى أي مصرف آخر، وهو حق يعطيه إياه القانون اللبناني”.
ويشير إلى أن “الهدف الحقيقي منه، وهو خدمة المصارف، لا سيما أن المصارف التي تحتجز أموال الناس منذ 17 تشرين وحولت أموالاً خاصة لأصحاب المصارف ومصرفيين ومن يخصهم، وامتنعت عن إعادة ودائع الناس، تخسر الدعاوى قضائياً أمام المودعين حيث إن عدداً كبيراً منهم توجهوا إلى القضاء المحلي وليس الأجنبي كما يُشاع، والقضاء اللبناني يقضي بإعادة أموال المودعين نقداً أو التحويل إلى الخارج بناءً على رغبة المودع، لذلك، برأيه، جاء التعميم ليخدم مصلحة المصارف ضد المودعين، ولا قيمة أبداً لما يدّعيه عن مصلحة عامة أو تأمين مصلحة المودعين، لا بل إن هذا يؤكد ما سبق أن حذرنا منه بأن الدولة اللبنانية متواطئة ضد المودعين اللبنانيين وغير اللبنانيين، وهي تحمي عملية منع المودعين من الحصول على ودائعهم وأموالهم، وهو أمر مخالف لكل القوانين”.
ودعا المودعين مرة جديدة إلى “عدم الوقوع في عمليات الغش والأفخاخ التي تُنصب لهم، وحثهم على التوجه إلى القضاء، وإلا فإن أموالكم ستتبخر ولن يعيد لكم أحد هذه الأموال، بل سيستمرون بإعطائكم الـ500 دولار بالشهر لتحويلكم إلى شحاذين عند مجموعة من السياسيين والمصرفيين”.
ويرفض التبرير بأن “هذا التعميم يمنع الاستنسابية في التحويلات، ويقول إن هذا غير صحيح لأن الحاكم هو رئيس هيئة التحقيق الخاصة بالمصرف، وهو يعلم بكل التحويلات المصرفية التي حصلت لأنها موجودة في أرشيف مصرف لبنان، ولم يستعد أي وديعة تم إخراجها من لبنان بطريقة استنسابية”.
ويلفت إلى أن “الحاكم يقول بوضوح، في بداية تعميمه، إنه يرد على القضاء، ومن المؤسف أنه في أسبوع واحد يريد تثبيت اعتقال أموال المودعين، بينما أفرج في بداية الأسبوع الماضي عن أموال جان قهوجي التي تم حجزها منذ 5 سنوات، ولم يفتح أي تحقيق بموضوع تبييض الأموال في بنك التمويل المرتبط بجان قهوجي وبحركة أمل للمحرومين، فهو من جهة يقول للمودعين “سأحجز ودائعكم”، ومن جهة ثانية يفرج عن أموال قهوجي وحركة أمل”.