على الرغم من أن غبار حرب 12 يومًا الإسرائيلية الاستباقية على إيران لا يزال عالقًا، ولا تزال النتائج غامضة، إلا أن اختراق الموساد الكبير للداخل الإيراني كان ثغرة مهلكة ومؤكدة.
وصف أحد الخبراء إيران، في ضوء الاختراقات الاستخباراتية المتتالية الخطيرة والواسعة داخلها، بأنها كانت “ملعبًا” للموساد مع “إفلات واضح من العقاب”، ما شكّل عاملًا مشجعًا للجرأة الإسرائيلية.
عملية “الأسد الصاعد” الإسرائيلية شملت في شقها التجسسي التخريب المادي والاختراق الرقمي والحرب النفسية، التي استهدفت بشكل مباشر دائرة هامة من القيادة العسكرية الإيرانية.
الاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي كان واسعًا إلى درجة أن الموساد، بمساعدة “خلايا نائمة”، قام بتهريب أسلحة شملت آلاف الطائرات المسيرة الصغيرة والمتفجرات، وأقام مخابئ بعيدة عن الرصد، ليتم تفعيلها بسهولة خلال هجوم الجمعة 13 حزيران.
الأسلحة المهربة تضمنت أسلحة دقيقة استُخدمت لضرب أنظمة صواريخ الدفاع الجوي، مما مكّن الإسرائيليين من تنفيذ أكثر من 100 غارة جوية باستخدام أكثر من 200 طائرة قاذفة في الساعات الأولى من الهجوم.
على مدى سنوات، نجح الموساد في تجنيد عملاء وإدخال مجموعات خاصة تحركت في طهران ومدن إيرانية أخرى، وجمعت معلومات استخباراتية عن القواعد العسكرية والمنشآت النووية، وحتى مقرات سكن المسؤولين وأرقام هواتفهم وإجراءات أمنهم.
عبر العملاء وفرق التنفيذ، جرى إخفاء الأسلحة بما في ذلك الصواريخ الموجهة والطائرات المسيرة الهجومية داخل عربات شحن، وبين الصخور والمباني المدنية، ووُضعت طائرات مسيرة مسبقًا بالقرب من مواقع حساسة مثل قاعدة صواريخ الدفاع الجوي “إسفاجاباد” في طهران، ليتم تفعيلها لاحقًا عن بعد.
نجح الموساد بتخطيط محكم في استدراج كبار القادة العسكريين الإيرانيين إلى اجتماع، عبر التلاعب بقنوات الاتصال، وتم استهدافهم في وقت واحد، ما أسفر عن مقتل قادة بارزين، من بينهم قائد الحرس الثوري حسين سلامي والعالم النووي فريدون عباسي، إلى جانب اغتيال علماء نوويين آخرين بطرق مختلفة.
حملة الإرهاب النفسي التي شنّها الموساد استهدفت القادة العسكريين من الصف الثاني، حيث تلقت أكثر من 20 جنرالًا إيرانيًا مكالمات هاتفية تحمل تهديدات مباشرة باللغة الفارسية، تطلب منهم الهروب خلال 12 ساعة مع عائلاتهم وإلا فسيكونون أهدافًا مباشرة.
كما شملت حملة الترهيب توزيع قصاصات تهديد تحت الأبواب، وإرسال رسائل لزوجات القادة، تطلب انسحابهم من الحكومة.
ورغم ضخامة الاختراق الإسرائيلي وتأثيره المدمر، إلا أن الهدف الرئيسي منه، وهو إسقاط النظام أو زعزعته، لم يتحقق.
وبالتدريج، تمكنت أجهزة الأمن الإيرانية من استعادة السيطرة، عبر اعتقال عدد كبير من العملاء ومصادرة كميات ضخمة من الطائرات المسيرة الصغيرة والمتفجرات وأجهزة الاتصالات والمعدات الحساسة، ما يمنحها فرصة لتتبع مصادر هذا التهديد ومحاولة تحييده.