كتبت جويس الحويس في موقع JNews Lebanon

في تطور عسكري خطير وغير مسبوق منذ سنوات، نفّذت الولايات المتحدة ضربة جوية استهدفت منشآت نووية حساسة في إيران، ما فتح الباب على مصراعيه أمام سيناريوهات متفجّرة في المنطقة. وبينما تترقّب العواصم الإقليمية والدولية الرد الإيراني، يعيش لبنان حالة من القلق والترقّب، وسط خشية حقيقية من أن يكون أحد ساحات الرد أو الانعكاس السياسي والاقتصادي لهذا التصعيد.

سياسيًا: استنفار داخلي ورسائل متبادلة

بحسب معلومات خاصة حصل عليها موقع JNews Lebanon، فإن دوائر القرار في لبنان دخلت في حالة استنفار دبلوماسي وأمني، خوفًا من تداعيات مباشرة أو غير مباشرة على الساحة اللبنانية. وأفادت مصادر مطّلعة أنّ اتصالات جرت خلال الساعات الماضية بين الرؤساء الثلاثة، للتوافق على موقف رسمي واضح يُجنّب لبنان أي انخراط في الصراع القائم، مع تأكيد على الالتزام بمبدأ “الحياد الإيجابي”.

في هذا السياق، تلقّت السلطات اللبنانية رسائل مباشرة من السفارة الأميركية في بيروت، تحذّر فيها من أي نشاط عدائي ضد المصالح الأميركية في لبنان، وتلمّح إلى “ردّ قاسٍ” في حال حصول أي استهداف. في المقابل، تؤكد مصادر سياسية لـ JNews Lebanon أن “حزب الله” تلقّى بدوره رسائل دولية مباشرة تحثّه على ضبط النفس، وسط قناعة متزايدة في الأوساط المحلية بأن أي تحرّك ميداني من جانبه سيجلب ردًّا إسرائيليًا فوريًا على الأراضي اللبنانية، لا طاقة للبلد على تحمّله.

اقتصاديًا: أزمة على أزمة

الضربة الأميركية لإيران لم تكن فقط تطورًا عسكريًا، بل هزّت أسواق الطاقة العالمية، ما انعكس مباشرة على لبنان المنهك اقتصاديًا. إذ ارتفع سعر برميل النفط عالميًا مع تهديدات إيرانية بإغلاق مضيق هرمز، الأمر الذي أدّى إلى زيادة كلفة الاستيراد ورفع فاتورة المحروقات محليًا، في ظل غياب أي سياسة دعم فعّالة.

وفي هذا السياق، تُحذّر مصادر اقتصادية لبنانية من احتمال دخول البلد في مرحلة تضخّم إضافية، مع ارتفاع في أسعار السلع الأساسية وتكاليف النقل، ما سيؤثر سلبًا على القوة الشرائية للمواطنين. كما أشارت المعلومات التي حصل عليها JNews Lebanon إلى أن بعض شركات الشحن أبلغت عملاءها في لبنان بزيادة مرتقبة على كلفة الشحن والتأمين، بسبب ارتفاع منسوب المخاطر في المنطقة.

حزب الله تحت المجهر… والحياد على المحك

من جهتها، تتابع العواصم الغربية بدقة موقف “حزب الله” من التصعيد الأميركي–الإيراني، وسط توقعات بأن يلتزم الحزب “الانضباط السياسي”، على غرار ما حصل في محطات سابقة. وتشير مصادر موثوقة لـ JNews Lebanon أن الحزب يدرك خطورة الانخراط في أي ردّ مباشر من لبنان، خصوصًا أن البيئة الداخلية لم تعد قادرة على تحمّل أي حرب جديدة، في ظل الانهيار المالي والاجتماعي المتسارع.

لكن، تبقى كل الاحتمالات واردة، في حال قررت طهران استخدام كل أوراقها في الردّ، وهو ما يُبقي لبنان في موقع الخطر الدائم، ما لم تُحصّن ساحته الداخلية بتوافق سياسي واضح وموقف رسمي صارم بالنأي بالنفس.

استحقاقات حساسة… وسيناريوهات مفتوحة

في ظل هذا الواقع المتوتر، تتجه الأنظار إلى الخطوات التالية:

هل ستتطوّر الضربة الأميركية إلى سلسلة من العمليات المتبادلة؟

هل تستطيع الحكومة اللبنانية الحفاظ على سياسة الحياد في ظل انقسام داخلي حول المحور الإيراني؟

هل سيشهد لبنان موجة جديدة من العقوبات الاقتصادية إذا ما اتُّهم بالتغطية على أي عمل حربي ينطلق من أراضيه؟

كلها أسئلة تبقى مفتوحة، في بلدٍ تتقاطع فيه خطوط النزاع الإقليمي، ويتخبّط في أسوأ أزماته السياسية والاقتصادية منذ الحرب الأهلية.

في المحصلة، تضع الضربة الأميركية لإيران لبنان مجددًا في مهبّ الريح، وتكشف هشاشة وضعه السياسي وارتباطه الوثيق بتوازنات إقليمية معقّدة. ومع ارتفاع منسوب التوتر في المنطقة، يصبح الحفاظ على الاستقرار اللبناني مهمة دقيقة تتطلب تنسيقًا داخليًا، وجهدًا دوليًا، وقرارات جريئة لتثبيت الحياد، وحماية ما تبقّى من مؤسسات وأمان اجتماعي.

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version