أرخت الاعتداءات الاسرائيلية الأخيرة على الضاحية الجنوبية بثقلها على المشهد السياسي العام، وقد ساد في أحيائها الهدوء الحذر والعابر في شوارعها التي كانت مكتظة عشية عيد الاضحى لا بدّ وان يلفته خلوّها من الحركة الصاخبة والزحمة. ولعلّ المتغير الطارئ في مسار الحرب المتقطعة مع اسرائيل بعد التصعيد السياسي- العسكري، تمثّل في تلويح قيادة الجيش اللبناني بـ “تجميد التعاون” مع اللجنة الدولية المكلّفة بمراقبة عملية وقف الاعتداءات (الميكانيزم)، وذلك في ما يخصّ الكشف على المواقع، والثقة الكاملة من قبل السلطة اللبنانية بخلو الأبنية التي دمرتها الغارات الإسرائيلية من أي نشاط عسكري لحزب الله، واستمرار اسرائيل بغاراتها يعكس نواياها ورسالتها التي تتلخّص بألّا منطقة آمنة ولا خطوط حمراء بل إن لبنان سيبقى ساحة مفتوحة للصراع ولا حدود لجنون نتنياهو تحت طائلة ادخال الضاحية مجدداً في دائرة الاستهداف اليومي الممنهج.

وبين حصرية السلاح ومطالبة لبنان بإعادة الاعمار والانسحاب الاسرائيلي أولاً وهو ما يصرّ عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتمهّل رئيس الجمهورية جوزاف عون في اعطاء المساحة الكاملة للداخل وترتيب الامور بما يضمن عدم الوصول الى الصدام مع الحزب وبيئته، يدور لبنان في حلقة مفرغة من اللاستقرار والركود الاقتصادي نتيجة حجب المساعدات وتعثر السياحة بفعل التهديدات الاسرائيلية المتصاعدة والغارات المتجددة على الضاحية.

وتخشى مصادر مطلعة من ان اسرائيل لن تركن الى الاملاءات او الضغوطات الدولية والأممية للتراجع عن عدوانها، وقد صدرت تقارير عن الاستخبارات الاسرائيلية امس، تزعم ان حزب الله تحوّل من تصنيع وإدخال الصواريخ والقذائف إلى استراتيجية تطوير طائرات مسيرة محمّلة بالمتفجرات وطائرات هجومية أو استطلاعية، وهو بحسب تلك المزاعم ايضا، أصعب على أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلي في الكشف والتصنيف الفوري، اذ يمكن إطلاق تلك المسيرات من مواقع مخفية مثل الأودية، وهو ما وصفته بـ”وحدة الطائرات المسيرة السرية 127 التابعة لحزب الله”، ويخلص التقرير الى ان الحزب يسعى إلى مزيد من الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على إيران.

ولم يعد خافياً ان اسرائيل تعدّ لعدوان شامل وهو ما تهمس به الوفود الغربية وغيرها من الشخصيات الديبلوماسية خلال زياراتها الى بيروت، والتي تحذّر من مغبة استنزاف الوقت واعطاء اسرائيل ذرائع تعتبرها محقة لتنفيذ مخطط حربي وفق سيناريو جهنمي تنزلق معه الأمور بسرعة يصعب ضبطها ولملمتها، تبدأ بعملية اغتيال مدروسة تستهدف شخصية قيادية بارزة كأمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم، ما يشكل شرارة لانطلاق هجوم بري واسع النطاق واحتلال مساحات جغرافية متقدمة في العمق الجنوبي اللبناني وفرض معادلات ميدانية جديدة.

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version