كتبت جويس الحويس في موقع JNews Lebanon
في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة، تعود إلى الواجهة اللبنانية قضية شائكة عمرها عقود: حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
ورغم أن هذه العبارة تصدّرت البيان الوزاري الأخير الذي أقرته الحكومة في نيسان 2025، إلّا أن المسار العملي لتطبيقها لا يزال محفوفًا بالعقبات، أبرزها التوازنات الداخلية المعقّدة، وسلاح “حزب الله” الذي يتخطى البُعد المحلي ليحمل بعدًا إقليميًا.
ضوء أخضر مشروط…
بحسب مصادر سياسية مطلعة تحدثت حصريًا إلى JNews Lebanon، فإن اتصالات غير رسمية جرت في الأسابيع الماضية بين موفدين من رئاسة الحكومة وقيادات في “حزب الله”، تناولت أفكارًا أولية حول تقليص مظاهر السلاح في المناطق المدنية (وخاصة بيروت وضاحيتها الجنوبية)، مقابل عدم المساس بالجهوزية العسكرية للحزب جنوبًا.
وأكد المصدر أن حزب الله، في هذه المرحلة، “لا يمانع تنظيم الوجود المسلح إعلاميًا وأمنيًا”، لكنه يرفض إدراج سلاحه تحت سقف أي سلطة تنفيذية ما لم يحصل على ضمانات داخلية وخارجية بشأن استراتيجية الدفاع الوطني.
اتفاق ضمني على تقاسم الأدوار… وتجميد ملف المخيمات
كما كشفت مصادر أمنية خاصة لموقع JNews Lebanon أن اجتماعات جرت مؤخرًا في وزارة الداخلية، ضمت ممثلين عن الجيش والأمن العام و”قوى الأمر الواقع” داخل بعض المخيمات الفلسطينية، وتم خلالها تجميد أي عمليات دهم أو نزع سلاح داخل المخيمات، باستثناء الحالات الفردية، بناءً على اتفاق ضمني مع الفصائل الفلسطينية الكبرى لتجنب أي صدام أهلي.
وأضافت المصادر أن الجهات الأمنية تتعامل بواقعية، وتعلم أن التقدم في ملف السلاح يجب أن يتم عبر مراحل، تبدأ بإعادة ضبط المشهد الأمني في المدن الكبرى، وتوازيًا “بتشجيع خيار الحصر الطوعي للسلاح” في بعض المناطق ذات الطابع العشائري أو الحزبي.
دعم دولي مشروط: ملفات مرتبطة
في موازاة ذلك، تُشير معلومات دبلوماسية وصلت إلى JNews Lebanon من مصادرها في باريس وبروكسيل إلى أن الاتحاد الأوروبي ربط أي مساعدات أمنية إضافية للبنان بخطوات واضحة نحو بسط سيادة الدولة على المعابر الحدودية والمرافئ، بالإضافة إلى إحراز تقدم في ملف “السلاح غير الشرعي”.
ووفق المراسلات التي اطّلع عليها فريق الموقع، فإن دولًا أوروبية تنسق حاليًا مع الجيش اللبناني لتقديم دعم تقني لمراقبة الحدود الشرقية مع سوريا، في خطوة قد تُسهم في قطع شرايين التهريب العسكري والمالي غير الرسمي.
الرئيس جوزيف عون… والورقة الضاغطة
من جهته، يواصل الرئيس جوزيف عون اعتماد سياسة “الخطاب الهادئ والتنفيذ البطيء”، رافعًا شعار “الدولة القوية لا تساوم على السلاح، لكنها لا تحارب أهلها”، بحسب تعبيره في جلسة مغلقة مع عدد من الصحافيين.
الرئيس عون، وبحسب مصادر قريبة من القصر الجمهوري، يُخطط لإطلاق مبادرة وطنية في الخريف المقبل تتضمن طاولة حوار موسعة حول الاستراتيجية الدفاعية، على أن تُستبق بتحرك ميداني منضبط للجيش في البقاع والشمال للحد من انتشار السلاح العشوائي.
فهل بدأت التهيئة لمرحلة انتقالية؟
رغم أن سلاح “حزب الله” لا يزال يمثل عقدة كبرى في السياسة اللبنانية، فإن ما يجري خلف الكواليس، وفق معلومات JNews Lebanon، يُشير إلى نوع من “إعادة تموضع” داخل البيئة الحزبية، وفهم داخلي بأن الوضع الإقليمي لم يعد يسمح بالمجاهرة بمظاهر القوة الميدانية كما في السابق.
قد لا يكون “حصر السلاح بيد الدولة” قريبًا من التنفيذ الكامل، لكنه أصبح بندًا على طاولة النقاش العملي، لا الشعارات فقط.
وفي بلد كلبنان، هذه خطوة بحد ذاتها ليست صغيرة.