لم يحجب الانشغال المحلي بالاستحقاقات المتلاحقة سياسيا واجتماعيا وماليا، التطورات الخطرة في سوريا والتي بلغت حدّ القتل على الهوية، في استعادة لمآسي الحرب اللبنانية. ولا ريب أن تمدّد تلك التطوّرات في أكثر من منطقة سورية مؤشر بالغ الخطورة إلى ما ينتظر سوريا من عنف طائفي ومذهبي ومن تغيّرات ديموغرافية وتطهير عرقي لن ينتهي إلا بفرض التقسيم كأهون الشرور، في حال لم يكن للدولة السورية موقف حاسم وحازم لوقف حمّام الدم المتنقّل الذي يطال خصوصا الجماعات الأقلوية.

ومردّ الاهتمام اللبناني بما يحصل في سوريا وبالأخطر الآتي فيها ومنها، غير محصور بالمآسي الحاصلة. فلبنان الذي على هو على تماس مباشر جغرافي وديموغرافي وسياسي مع المساحة السورية شمالا وشرقا، غير معزول عن المخاطر الجاسمة، لا بل هو يتأثّر بها حكما نتيجة التداخل السكاني والطائفي. لذا يزداد الهاجس من أن ينتقل إليه التقاتل، لا سيما في المساحات المؤهّلة للاشتعال طائفيا ومذهبيا، وكذلك من أن يصاب لبنان بعدوى أي تغيير دراماتيكي في هيئة الكيان السوري، وهو تغيير قد يبدأ ولا ينتهي بإحياء مخططات التقسيم والاقتسام.

بالتوازي، زادت في الأيام الأخيرة موجات النزوح السوري صوب لبنان، هربا من المجازر والاقتتال الطائفي والمذهبي. وشهدت منطقتا البقاع الشمالي وعكار نزوح آلاف السوريين الهاربين بحثا عن مأمن فيهما. ولا شكّ أن هذه الموجة من النزوح ستزيد كلفتها على عاتق لبنان، الدولة والناس، وستأتي بمزيد من الإرهاق لاقتصاده السياسي والاجتماعي، ليُضاف إلى الإرهاق الذي تسببت به الحرب الإسرائيلية.

يفترض هذا الواقع الخطر استنفارا لبنانيا استثنائيا، سياسيا وعسكريا وعلى المستوى الديبلوماسي، على أن يكون الهدف المشترك وقائيا لمنع تمدّد الاشتعال السوري، ولحصره في حال تفلّت وأصاب بعضه لبنان نتيجة عوامل التداخل والمشتركات في المناطق الحدودية.

وليس غريبا أن يبدي العهد اهتماما استثنائيا بكل ما يحصل، بالنظر إلى المخاطر الجمّة المحيطة بلبنان، وتأثيراتها الهائلة على الحكم الجديد الذي وضع اللبنانيون فيه وعليه الكثير من الأمل للخروج من عتمة الأزمات المتلاحقة التي نزلت بهم، وأنهكتهم وجعلت الهجرة هي الخيار الأقل مرورة.

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version