كتبت جوانا فرحات في المركزية:
“الانتخابات النيابية ستُجرى في موعدها الدستوري في أيار 2026″، قالها رئيس الحكومة نواف سلام. بدوره يصر رئيس مجلس النواب نبيه بري على عدم التمديد للبرلمان، مما يعني أن التأجيل الرسمي غير مطروح من وجهة نظره.
بالتوازي أقفل باب تسجيل المغتربين للتصويت الذي فتح في 2 تشرين الأول وحتى 20 تشرين الثاني عبر المنصة الرسمية ووصل العدد النهائي إلى 151,985حتى الآن. لكن هيئة الإشراف على الإنتخابات التي يفترض أن يبدأ عملها منذ اليوم الأول على بدء تسجيل المرشحين أي أول آذار لم تتشكل حتى الان. وهذا يعني أنه يجب أن تكون الهيئة قد أنجزت كافة التحضيرات وعملت على تدريب فريق العمل إبتداء من شهر شباط 2026 .فهل ستتمكن من إنجاز ذلك في مهلة لا تزيد عن الأربعة أشهر؟
في المفهوم التقني لتشكيل اللجنة، حتما تأخرت جداً وهناك استحالة أن تتشكل أو أن تنجز كافة الترتيبات التقنية واللوجستية لكن “ع اللبناني” يمكن أن تتشكل وتصبح جاهزة عدّة وعديداً بين ليلة وضحاها ليبقى الجواب على السؤال لماذا لم تنجز هيئة الإشراف عملها قيد المجهول.
التحضيرات لزيارة البابا لاوون الرابع عشر والحدث الذي تلاها بأيامه الثلاثة وانشغال لبنان الرسمي بتعيين موفد ديبلوماسي في لجنة الميكانيزم أمس كلها أحداث تضع الإنتخابات النيابية في دائرة النسيان ولاحقا المجهول. إلا أن مصيرها حتى الآن لا يزال يتأرجح بين إجرائها في موعدها الدستوري وبين التأجيل لشهرين نزولا عند اقتراح رئيس الجمهورية ليتمكن المغتربون الوافدون من دول الإنتشار لقضاء عطلة الصيف في ربوع الوطن من الإقتراع.
تجري الإنتخابات أو لا تجري ليس السؤال الأبرز إنما وفق أي قانون؟ إصرار بعض الأطراف على تغيير القانون الانتخابي أو نظام تصويت المغتربين قد يؤدي إلى تعطيل أو تأخير الانتخابات إذا لم يُتفق عليه قبل الموعد الدستوري المقرر في أيار 2026. لكن الموعد مرتبط بنجاح إنهاء استعدادات الانتخابات سواء بتعديل القانون أو عدم التعديل عدا عن التجهيزات اللوجستية.
الخبير في الشؤون الإنتخابية سعيد صناديقي يوضح لـ”المركزية” أن اقتراح تأجيل الانتخابات لمدة شهرين وُضِعَ كحل لمشكلة غير المقيمين. لكن السؤال الأبرز هو وفق أي قانون ستُجرى الإنتخابات ؟ فالقانون الحالي ساري المفعول حتى تعديله ولن يؤخذ بمشروع الحكومة، علماً أنه تقنيا هناك إلزامية للأخذ به.
ويتابع صناديقي”القانون الحالي الذي ينص في مواده على استحداث 6 نواب لغير المقيمين وإقرار نظام الميغاسنتر كان موجودا في انتخابات الـ2018 و2022 والمواد التي هي مدار الإشكال اليوم المتعلقة بالبطاقة الممغنطة والمقاعد الستة عُلِّق العمل بها بسبب استحالة تطبيقها. فإلزامية البطاقة الممغنطة المنصوص عليها في القانون رقم 44/2017 لا يمكن إنجازها في خلال 5 أو 6 أشهر. حتى مهلة السنة لا تكفي لإنجازها وكان يجب بدء العمل عليها ولطالما ذكّرنا بأن الإنتخابات النيابية ليست حدثاً يحصل مرة كل 4 سنوات إنما دائرة يجب أن تكتمل كل 4 سنوات على أن يبدأ العمل والتحضير اللوجستي للدورة المقبلة فور انتهاء الإنتخابات وصدور النتائج”.
في موضوع المقاعد الستة في الخارج يقول” نص القانون الحالي على استحداث 6 مقاعد نيابية وترك الأمر للجنة مؤلفة من وزارتي الخارجية والداخلية وكان يجب أن تُنشأ وتمارس عملها وتضع التقارير اللازمة منذ العام 2017 ،ولذلك كان القانون واضحا عندما نص على أن “هذه المادة لا تُطبق في الدورة التي تلي إصدار هذا القانون لأن هناك استحالة” وكان يفترض أن تبدأ اللجنة أعمالها منذ العام 2018 تحضيرا لدورة الـ2022 ، لكن لم يحصل ذلك، مما فرضَ تعليق العمل بهذه المادة في الإنتخابات النيابية الأخيرة وصولا إلى الإنتخابات المقررة في أيار المقبل. لم تصدر اللجنة تقريرها الذي يحال إلى مجلس الوزراء ليصار إلى إقراره ويطبق. فعلى أي أساس سيتم توزيع مقاعد النواب الستة ووفق أية معايير هل سيكون جميع المرشحين على لائحة واحدة، وهل ستُجرى على أساس دائرة كبرى أو دائرة صغرى ووفق القانون النسبي أو الأكثري…؟
الأسئلة كثيرة ومتشعبة ولا جواب باستثناء كتلة تعارض الإنتخاب على أساس القانون الحالي وأخرى محصورة بالثنائي تريد إجراءها على أساسه من دون تعديل. وعليه نحن في نفس الدائرة التي وجدنا فيها في انتخابات 2022 لأن من 2017 حتى 2015 “ما اشتغلوا” وإذا تم تعليق المادة كما في العام 2022 فلا شيء يلزم إشراك المغتربين، والنتيجة تكون على الشكل التالي: تعليق المادة التي تنص على انتخاب 6 نواب في الخارج و بالتالي تعليق الإستثناء الذي أقر لمرة واحدة في الـ 2018 وتجري الانتخابات على أساس لا المقاعد الستة ولا الـ128.
هل يمكن أن يتحقق ذلك؟ “لا شيء يحول دون ذلك” ويتابع صناديقي” وماذا يمنع أن تحصل كما كانت الحال منذ العام 1992 وحتى الـ2018 ،أي من دون تصويت المغتربين. من هنا يمكن اعتبار اقتراح تأجيل الإنتخابات لمدة شهرين هو المنفذ الوحيد والأقصر لإنجازها بأقل ضرر ممكن. وفي حال تقدم النواب المعارضون بالطعن أمام المجلس الدستوري فالنتيجة واضحة “القانون واضح ولا مجال للطعن به وإلا فإن كل المجالس النيابية التي تشكلت منذ العام 1992 وحتى العام 2018 غير دستورية. وهو حتما لن يفعلها ويطعن بها”.
ويختم صناديقي “إذا صح أن هناك كتلة معارضة وازنة في وجه الثنائي عليها أن تقف وتعلن مقاطعتها للإنتخابات إذا ما أجريت من دون المغتربين لكن أيا من المعارضة لن يقدم على خطوة مماثلة. في المقابل لن يتراجع الثنائي عن مطلبه بإجراء الإنتخابات وفق القانون الحالي. من هنا أرجحية أن تجري الإنتخابات من دون اقتراع المغتربين سواء في موعدها الدستوري أو بعد شهرين منه علما أن كل الأطراف تقول إنها تريد الانتخابات “في موعدها”، لكن الشكوك تبقى حاضرة”.

