لبنان على موعدٍ مع زيارة تاريخية ما بين 30 تشرين الثاني و2 كانون الأول 2025… ولحظات الترقّب تتقاطع مع أملٍ روحيّ نادر بانتظار وصول قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى بيروت. البلد يعيش حماسةً متصاعدةً والرحلات إلى العاصمة شبه مكتملة والحجوزات السياحية سجَّلت ارتفاعًا غير مسبوق، بينما تفتح الفنادق أبوابها على مصراعيها بانتظار ما ستحمله الأيام المقبلة.
الحدث استثنائي بكل ما للكلمة من معنى: الزيارة الأولى لحبرٍ أعظم إلى المنطقة منذ سنوات طويلة، وبارقة أملٍ تُعيد للبنان موقعه كأرضٍ للتلاقي والحوار بعد أن أنهكته الأزمات وأثقلت كاهله الانقسامات. وهذا ما تُرْجِمَ على مستوى الحجوزات في وكالات السفر حيث ارتفع الطلب تحديداً من جانب الحجّاج والزوار الأجانب الذين يتطلّعون للمشاركة في لحظةٍ روحيةٍ فريدةٍ في تاريخ لبنان الحديث.
وفي هذا السياق، أشار أحد أصحاب وكالات السفر إلى “ارتفاع ملحوظ في حجوزات السفر مع اقتراب الزيارة المرتقبة للبابا. البلاد تستعدّ لاستقبال آلاف الزوار، في حدثٍ استثنائي يشكِّل لحظة مؤثرة للمجتمع المسيحي اللبناني وللأمة بأسرها”.

الفنادق في حالة من الترقّب

لكن هذه الحماسة لم تُتَرْجَم بعد إلى أرقام ملموسة في القطاع الفندقي. فعلى الرّغم من الأجواء التي ترافق الزيارة البابوية المرتقبة، “لم نلحظ بعد أي زيادة كبيرة في عدد الحجوزات”، حسب نقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر.
ويُرجع الأشقر ذلك إلى أنَّ الغالبية الساحقة من الزوار المنتظرين هم من اللبنانيين المغتربين، الذين يفضِّلون الإقامة في منازل عائلاتهم أو لدى أقاربهم أو في بيوتهم الخاصة خلال فترة الزيارة. والحال ينسحب على بيوت الضيافة التي لم تُسجِّل هي الأخرى أي تغيير على مستوى الحجوزات في الفترة القادمة.
ومع ذلك، تبقى الآمال مُعَلَّقةً على تأثير “اللحظة الأخيرة” في الأيام التي تسبق وصول البابا، خصوصًا في المناطق القريبة من بيروت وجبيل وجونية، حيث يُتَوَقَّع حركة نشطة في الفنادق والمطاعم والمواقع الدينية التي سيتوافد إليها الحجيج.

المواقع الدينية تتأهب للاستقبال التاريخي

وفي المقابل، بدأت المواقع الدينية تحضيراتها بالفعل. وسُجِّلت زيادة في الحجوزات للزيارات إلى دير مار شربل في عنّايا ومزار سيدة لبنان في حريصا، كما اكتملت التحضيرات لرحلات جماعية قبل أسابيع من الحدث.
مشهدٌ يعيد للبنان صورته كأرضٍ للحج والإيمان، ويُحيي ذاكرة اللقاءات الجامعة التي جمعت الطوائف حول رموزها الروحية المشتركة.
ويعلِّق أحد منظِّمي الرحلات الدينية في هذا الإطار: “يرغب كثر في الصلاة في عنّايا أو حريصا قبل القداديس الرسمية أو بعدها”، متوقِّعًا ارتفاعًا في عدد الزائرين طوال شهر كانون الأول المقبل.
وبعيدًا عن البعد السياحي البحت، تحمل زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان رمزية عميقة تتجاوز كل الحدود المادية. فهي مرتقبة في بلدٍ يرزح تحت نير المعاناة، ومع ذلك لا يزال يحتفظ بفرادته الدينية وتنوّعه الروحي الفريد في الشرق الأوسط. ويُنظر إلى وصول الحبر الأعظم إليه كرسالة رجاء وسلام، وكتأكيدٍ على الدور المحوري الذي ما زال لبنان يؤدّيه في الحوار بين الأديان.
أمّا الآثار الاقتصادية التي تبدو متواضعةً حتى الساعة، فقد تتضاعف مع اقتراب الموعد المنتظر، حين تتحوَّل الحماسة الروحية إلى دينامية وطنية جامعة، توحِّد اللبنانيين… ولو لأيام معدودة، تحت راية الإيمان والأمل…

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version