في مشهد طغت عليه رمزية الألم والاحتجاج، تحوّل المؤتمر الصحافي الذي دعت إليه رابطة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي، الثلاثاء المنصرم أمام مدخل السراي الحكومي، إلى وقفة صاخبة كشفت عمق الأزمة التي تعصف بشريحة تُعدّ من الأكثر تهميشًا في القطاع التربوي.

تحرّك المتعاقدون بحنق واضح، إنما بانضباط لافت، واختتموا تحركهم بلقاء رسمي جمع وفدًا من الرابطة مع مستشارين من مكتب رئيس الحكومة القاضي نواف سلام، حيث عادوا بوعود وصفتها رئيسة الرابطة الدكتورة نسرين شاهين بأنها “جدّية”، مؤكدة أنّ الملف دخل مرحلة المتابعة اليومية مع وزارة المال.

“تفهّم كبير ووعد واضح”

في حديث إلى “ليبانون ديبايت”، كشفت شاهين أن اللقاء كان إيجابيًا إلى حدٍّ بعيد، وقالت: “لمسنا تفهّمًا واضحًا من الفريق المحيط بدولة الرئيس، ووعيًا حقيقيًا لحجم الظلم اللاحق بآلاف المتعاقدين”.

وأوضحت أن الوفد عرض ملف المساعدة الاجتماعية التي حُرم منها المتعاقدون خلال فصل الصيف، رغم إقرارها سابقًا، مشيرة إلى أن هذه المساعدة تشكّل الحد الأدنى الذي يضمن صمود نحو 14 ألف عائلة: “بدونها، لا فلس في جيب أي متعاقد طوال أشهر الصيف”.

وتابعت: “حصلنا على وعد بمتابعة الملف مع وزارة المال، والسعي لوضع الآليات المناسبة لإعادة إقرار المساعدة. وهذا ما نتمسّك به اليوم وسنلاحقه حتى النهاية”.

“خريطة الوجع”… ونعش المعلم

المؤتمر الذي نُظّم تحت عنوان: “وزيرة التربية سرقت حقوقنا، ومسؤولية رئيس الحكومة أن يستردها لنا”، حضرته النائبة حليمة قعقور إلى جانب ممثلين من مختلف المحافظات. وتميّز بتحرّك رمزي لافت: نعش حمل عنوان “صرخة المعلم”، خريطة للبنان كُتب عليها “خريطة الوجع”، ومشهد تمثيلي بعنوان “قصة الأستاذ المتعاقد”، إلى جانب تجسيد صامت لمشهد تكبيل الأيدي وكمّ الأفواه، كدلالة على ما وصفوه بـ”التعتيم والتجاهل” من قِبل وزارة التربية.

شاهين قالت خلال المؤتمر إن “الوزيرة كرامي سلبت الحقوق بغطاء قانوني، بعدما أبقت أموالنا في خزينة الدولة بدلًا من صرفها في وقتها”، معتبرة أن ما يحصل هو “وجه من وجوه الظلم المؤسسي الذي لن نسكت عنه”.

بعد ذلك، قرع الأساتذة باب السراي الحديدي بأيديهم، ودوّنوا عليه عبارات تعبّر عن أوجاعهم، ثم قطعوا الطريق المقابل تعبيرًا عن احتجاجهم، ما استدعى تدخّل القوى الأمنية التي دعت وفدًا منهم إلى لقاء داخل السراي، فكان الاجتماع.

الكرة في ملعب “المال”… فهل تُصرف الحقوق؟

وعقب اللقاء، أعلنت شاهين أن الملف بات في عهدة مكتب رئيس الحكومة، بانتظار تجاوب وزارة المال، والاتفاق على صيغة قانونية لإقراره داخل مجلس الوزراء.

وشكرت شاهين الرئيس سلام على تفهّمه، ودعته إلى الإيفاء بالوعد الذي أُعطي للأساتذة، مؤكدة: “لا يجوز ترك آلاف العائلات من دون مورد في بلد يرزح تحت وطأة أزماته”.

واختتمت حديثها بالقول: “ما ضاع حق وراءه مطالب. وسنواصل نضالنا حتى يُعاد الاعتبار للمتعاقدين وحقوقهم بالكامل”.

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version