كتبت جويس الحويس في موقع JNews Lebanon
يشهد الشرق الأوسط تصعيدًا خطيرًا بين إسرائيل وإيران، بعد أن نفذت تل أبيب ضربات جوية مباشرة داخل الأراضي الإيرانية، وردّت طهران بسيل من الصواريخ والطائرات المسيّرة. تتسارع الأحداث بوتيرة غير مسبوقة، وتطرح تساؤلات كبرى حول مصير المنطقة واحتمالات انزلاقها إلى حرب إقليمية شاملة، أو حتى إلى مواجهة عالمية.
الهجوم الإسرائيلي: ضربة غير مسبوقة
في 13 حزيران 2025، شنت إسرائيل أكبر عملية عسكرية مباشرة داخل إيران منذ عقود. استهدفت الغارات عشرات المواقع الحساسة، أبرزها منشآت نووية في نطنز وأصفهان، ومراكز قيادة للحرس الثوري الإيراني في طهران ومشهد.
ووفق معلومات حصلت عليها JNews Lebanon من مصدر أمني مطلع، فإن الضربات تم تنسيقها جزئيًا مع أجهزة استخبارات غربية، وجاءت ردًا على محاولات إيرانية لتطوير قدرات هجومية نوعية قرب حدود الجولان وغزة.
الرد الإيراني: تصعيد مضبوط الحسابات
بعد أقل من 24 ساعة، أطلقت إيران أكثر من 150 صاروخًا باليستيًا ومسيّرة، استهدفت مدنًا إسرائيلية، من بينها تل أبيب والقدس وبئر السبع.
لكن الرد، رغم ضخامته، التزم بسقف محدد. فقد تجنبت طهران استهداف منشآت حيوية كالمفاعل النووي في ديمونا أو موانئ حيفا، ما يدل على أنها لا تسعى إلى حرب شاملة، بل إلى “ردع محسوب”.
الحسابات الإقليمية: من يربح؟ ومن يدفع الثمن؟
تصاعد المواجهة بين قوتين بهذا الحجم لا يمكن عزله عن السياق الإقليمي الأوسع:
- إسرائيل تحاول منع إيران من التمركز العسكري الدائم في سوريا ولبنان.
- إيران ترى أن الوقت حان للرد المباشر بعد سنوات من الحروب بالوكالة.
لكن في ظل غياب وساطة فعالة، فإن القوى الإقليمية — من لبنان إلى العراق واليمن — قد تنجر إلى هذه المواجهة. ولبنان، كما اعتادت الأزمات، في قلب الخطر.
لبنان: ساحة محتملة لاشتعال جديد
حتى اللحظة، لم ينخرط حزب الله في المواجهة بشكل مباشر، لكنه أعلن “الجهوزية الكاملة”.
مصدر سياسي رفيع أبلغ JNews Lebanon أن قرار الدخول في المعركة “مرتبط بمدى توسع الضربات، وبما إذا تم استهداف مواقع داخل الأراضي اللبنانية أو قيادات للحزب”.
في الوقت نفسه، يعيش لبنان ضغوطًا اقتصادية متزايدة نتيجة الخوف من الحرب، وضرب الموسم السياحي الواعد في البلد.
الموقف الدولي: دعم محدود وتخوّف كبير
الولايات المتحدة اكتفت بدعم دفاعي لإسرائيل دون التدخل العسكري المباشر، في حين أن الاتحاد الأوروبي دعا إلى التهدئة، فيما حذرت الصين وروسيا من أن استمرار الضربات قد يؤدي إلى “زعزعة أمن الطاقة العالمي”.
من جهة أخرى، أسعار النفط ارتفعت، وأسواق المال تأثرت سلبًا، مما يعكس قلقًا عالميًا من تطور الصراع.
السيناريوهات المقبلة: إلى أين تتجه المنطقة؟
مع استمرار التصعيد بين إيران وإسرائيل، يبرز أمام المراقبين عدد من السيناريوهات المحتملة:
1. احتواء التصعيد: هدنة غير معلنة
يبقى هذا هو السيناريو المرجّح على المدى القريب. فكل من إسرائيل وإيران يدركان حجم الكلفة التي ستترتب على حرب شاملة.
تقوم بعض المبادرات الخلفية — خاصة عبر سلطنة عُمان وفرنسا — بمحاولة دفع الطرفين للتهدئة. ويعتمد نجاح هذا السيناريو على:
- توقف الضربات الإسرائيلية داخل إيران.
- التزام إيران بعدم الرد عبر وكلائها (حزب الله، الحوثيين…).
- وجود ضغوط أميركية واضحة لفرملة التدهور.
هذا السيناريو يُبقي على التوتر قائماً، لكنه يمنع الانفجار الشامل، ويعيد الصراع إلى ساحته التقليدية: “الحروب بالوكالة”.
2. حرب إقليمية محدودة: صراع على أكثر من جبهة
إذا ما واصلت إسرائيل عملياتها، وردّت إيران عبر أذرعها في المنطقة، فقد نشهد حربًا موزعة على عدة ساحات:
- إطلاق صواريخ من الجنوب اللبناني أو الجولان المحتل.
- ضرب قواعد أميركية في العراق أو سوريا.
- عمليات عسكرية حوثية في باب المندب أو ضد السعودية.
هذه الحرب، وإن كانت دون تدخل مباشر من الجيوش الكبرى، إلا أنها ستتسبب في:
- انهيار إضافي في الاقتصاد اللبناني والسوري.
- تعطيل إمدادات الطاقة في الخليج.
- موجات نزوح جديدة في حال تفجرت الجبهة شمال اسرائيل.
3. الانزلاق إلى مواجهة كبرى: حرب خارج السيطرة
وهو السيناريو الأخطر، وقد يتحقق إذا خرجت الأمور عن السيطرة، نتيجة:
- استهداف منشآت نووية أو نفطية حساسة.
- ضرب سفارات أو سفن دولية في الخليج أو المتوسط.
- فشل مبادرات التهدئة، وقرار سياسي بالتصعيد الكامل.
في هذه الحالة، قد تُستدرج دول كبرى كأميركا وروسيا إلى الاشتباك المباشر، وتتحول المواجهة من إقليمية إلى أزمة أمن عالمي.
كما حذر تقرير استخباراتي اطلع عليه موقع JNews Lebanon، فإن “سوء التقدير في الساعات المقبلة قد يُدخل الشرق الأوسط في مرحلة تغيّر جذري لن تخرج منه أي دولة سالمة”.
المشهد الحالي هو الأخطر منذ سنوات. ومع أن الحديث عن حرب عالمية لا يزال مبكرًا، فإن الخطر الإقليمي حقيقي، واحتمالات التصعيد لا تزال قائمة.
المنطقة تقف عند مفترق طرق: إما التهدئة عبر ضغط دولي حاسم، أو الانزلاق نحو حرب لا يريدها أحد، لكن قد يجد الجميع أنفسهم داخلها.
قد لا تكون الحرب المقبلة من يطلق أول صاروخ، بل من يفشل في إطلاق آخر فرصة للسلام.